يعد الملل عاملا أساسيا فى حياة الفرد ، ولكن كيف تتخلص منه ؟ فى حال أنك قد وصلت هنا فدعنى أشرح لك كيف تتخلص من الملل؟
فمثلا على ذلك ( أليس ) والتى تشتغل على الألة الكاتبة ، لا تشعر بالإرهاق والإعياء إلا عند عودتها منزلها فى نهاية اليوم ، وتذهب إلى فراشها دون أن تنتظر العشاء ، ذات مرة بعد توسلات من أمها إضطرت للجلوس إلى المائدة وكان الإعياء لا يزال واضحا على وجهها ، حتى رن جرس الهاتف وكان المتحدث صديقها يدعوها لقضاء السهرة معنا والرقص ، وفجاة لمعت عينها ؟، ودب النشاط فى أطرافها ، وفى لحضات كانت داخل غرفتها ترتدى فستانها الأزرق الجميل ، وتخرج مسرعة من المنزل ، لقد ظلت ترقص وتمرح وتلهو حتى الثالثة صباحا ، وحين عادت إلى المنزل، لم تكن هى الفتاة التى ألفناها قبل ساعت ثمانى ، لم تكت مرهقة أبدا بل كانت فرحة جدا حتى أنها لم تستطع النوم .
بالتأكيد لم تكن ( أليس ) قبل ثمان ساعات فقط تدعى الإعياء والإرهاق بل كانت بالفعل كذلك ، ولكن كان سبب تعبها ضجرة من عملها ، وربما ضجرت من الحياة ، وهنالك الملاين مثلها ، وربما أنت واحد مهنم .
من الحقائق المعروفة أن الإصابة بالإرهاق تأتى نتيجة الإجهاد الذهنى أكثر من أى مجهود جسدى يبذل .
نشر الدوكتور ( جوزيف بارمال ) بمجلة أرشيف علم النفس مقالا عن بعض تجاربه التى أجرها لمعرفة أثر الملل فى الإصابة بالإرهاق .. ومن بينها كانت سسلة من الإمتحانات عقدها لبعض طلابه فى مود تصعب عليهم ، وكانت النتيجة أن الطلاب شعرو بالتعب والنعاس وبعضهم إشتكو من صداع ألم بهم ، واخرون إشتكو من ألم بالعينين ، وشكا فريق ثالث من ألم فى معدته.
لم تكن ألامهم مجرد أوهام ، فقد أظهرت فحوصات خضع لها أولئك الطلاب أثناء تأدية الأمتحانات ، أن ضغط الدم وإستهلاك الأوكسيجين ينقص حين يشعر الإنسان بالملل ، فإن زال الملل عادت عمليات الجسم إلى طبيعتها .
الدكتور ( إدوارد ثورندايك ) من جامعة كولومبياس توصل خلال تجاربه الى أن الملل هو السبب الأصي فى نقص إنتاج الفرد .. فعندما كان يجرى تجاربه على القلق ، أغرى الشباب بالبقاء يقظين لمدة أسبوعا كاملا تقريبا ، وذلك بأنه يسند إليهم بعض الأعمال التى تحلو لهم .
فالنشاط يكون حيث تكون المتعة فى العمل ، وتزداد القدرة على بذل الجهد ، فقد ترهق من المشى إثنا عشر مترا برفقة زوجة نكدية تختلق لك المشكلات صباحا ومساء ، فى حين يخلف عليك أن تمشى أميالا برفقة من يبادلك الحب والود
إذا أردت أن تعرف ما يجب أن تفعله إنظر الى ما فعلته ( تكسبا ) التى كانت تعمل على الألة الكاتبة فى إحدى شركات البترول ، كانت مكلفة بملأ إستمارات مطبوعة بالأرقام والإحصاءات وهو ما يحتاج منها إلى عمل أياما من كل شهر ، وكان هذا العمل يصيبها بالملل ، فقررت يوما تحويل هذا العمل الكريه إلى عمل ممتع ومسل.
فأخذت تجرى منافسة يومية مع نفسها ، وكانت تعتزم إنجاز عدد إستمارات أكبر من التى تملأها فى اليوم السابق ، وهكذا كانت فى كل يوم تتفوق على نفسها ، وتبذل مجهودا يفوق بكثير مجهود اليوم السابق ، وكانت النتيجة أن إنتهت من الإستمارات الكريهة أكثر من أ كاتبة أخرى فى الشركة ، ام تجن من وراء ذلك ترقية او المدح والثناء او زيادة فى دخلها ، لكنها حظيت بالسعادة التى جنبها الإرهاق الناتج من الملل ، ومنحها راحة ذهنية ، وإقبالا على العمل .
إذا كنت ترى أن عملك كريها ، وليس بمقدورك جعله مسليا حقا ولا ممتعا فعلا ، فأقب على ( كما لو كان ) ممتعا ، ومع مرور الوقت ستجده ممتعا بالفعل .
( كما لو كان ) فلسفة يعترف بها علم النفس الحديث ويؤمن بها ، فالعالم النفسى ( وليم جميس ) نصحنا بالظهور كما لو كنا شجعان ، فتأتينا الشجاعة، او نتصرف كما لوكنا سعداء ، فتغرقنا السعادة .
ختاما .. تحدث الى نفسك فى كل صباح كما كنت أفعل أنا ، فإنه تدريب ذهنى يدفعنا للعمل .
إن حياتنا من صنع أفكارنا وخواطرنا ، وأنت بحديثك إلى نفسك كل صباح ، يمكنك أن توجه نفسك للتفكير بأفكار الشجاعة والسعادة والقوة والطمأنينة ، وبحديث الى نفسك عن الأشياء التى تستحق أن تشكر الله عليها ، تملأ عقلك بخواطر السعادة والبهجة .
فإذا ملأت ذهنك بالأفكار الصحيحة ، كان فى إمكانك أن تسعد بأى عمل مهما يثقل عليك .
تذكر أن إستمتاعك بعملك يزيل عنك القلق ، وعلى المدى الطويل قد يتضاعف حظك من السعادة فى الحياة.